من مارينا مارشينكولوفا في نالشيك 07-يونيو/حزيران-2007
في 21-مايو/أيّار، أحيت ٌقباردينو-بلقاريا الذّكرى المائة والثّالثة والأربعون (143) لانتهاء الحرب القوقازيّة الدّامية والمنتهية في عام 1864، والّتي يقول بعض المؤرّخين بأنّها أدّت الى وفاة أكثر من مليوني شركسي و تهجير مليون آخرين على الأقل الى تركيّا والشّرق الأوسط.
والشّراكسة - أو "الأديغة" كما يسمّون أنفسهم – من ثلاث جمهوريّات ذات حكم ذاتي في شمال القوقاز، وهي قباردينو-بلقاريا و قرشيفو-شركيسيا والأديغييه استخدموا الذّكرى لفرض مطالبهم بانّه بقتل الشّراكسة من قبل قوّات روسيا القيصريّة في القرن التّاسع عشر ينبغي ان يعترف به بانّه ابادة جماعيّة.
ناشطون من الحركة القوميّه، الكونغرس الشّركسي وزعيمه رسلان كيشتوف، وجميعهم يرتدون الأشرطةالسّوداء حدادا والعديدين منهم يحملون الرّايات الشركسية، تجمّعوا لمسيرة غير ممنوعة - وهو شيء لم يسبق له مثيل لنالشيك، عاصمة قباردينو - بلقاريا - امام النّصب التّذكاري للضّحايا الشّركس في حديقة الحرّيّة في المدينة.
"قد تسمع أحيانا النّاس يقولون بانّه من السّابق لاوانه اثارة الاباده الجماعية للشعب الشّركسي كقضيّه، وأننا ينبغي تأجيل ذلك لمدة عشر سنوات أو حتى تكون الظّروف مواتيه"، قال كيشتوف.
"ولكننا لا نرى اي استعداد من الجانب الرّوسي لتسوية القضيّة الشركسيّة، بخلاف اي من جيراننا في القوقاز، حيث أنّ العدالة التّاريخيّة قد أعيدت لهم".
الكونغرس الشّركسي كان غاضبا وذلك بانّه بعد ان ارسل طلبا الى البرلمان الروسى، فانّ مجلس الدوما للدّولة، طالبا الاعتراف بالاباده الجماعيّة للشّركس"، والبرلمانيين ارسلوا ردّا والّذي قالوا فيه أنّ الشّركس لم يتعرّضوا لعملية ابادة جماعيه أثناء الحرب العالمية الثانية - حوالى مائة سنة بعد الحدث الفعلي.
وفي هذه الايام، الكثير من الشّركس لا يزالوا يعيشون في خارج شمال القوقاز، والّذي هو الوطن لأقل من مليون منهم. وهذا هو احد الاسباب التي جعلت مسألة الحصول على اعتراف بالمعاناه الّتي تحمّلوها في القرن التّاسع عشر هو مسألة سياسيّة قائمة، فإنه يمكن اعتبارها تشجيعا للمغتربين على العودة الى روسيا.
زامير شوخوف وهو رئيس منظمّة عموميّه تدعى الأخوّة الشّركسيّة العالميّة، أخبر معهد صحافة الحرب والسّلم بانّ مسألة الابادة الجماعيّة قد ارتقت سلّم أولويّات الاجندة، لانّ الدّول المختلفة الّتي يقيم فيها الشّركس تصبح أكثر ديمقراطيّة، ولهذا فانّه يتسنّى لهم الآن المطالبة بحماية ثقافتهم بطريقة لم يستطيعوها من قبل.
وقال: "الشّراكسة أخذوا يتحدّثوا المزيد و بالعلن أكثر من ذي قبل عن تاريخهم، و كذلك عن ماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم،"
"الشركس قاموا يتحدثون بصراحة بالمزيدعن تاريخهم ، عن ماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم".
"اعتقد ان الشّعب الشّركسي يمرّ الآن بفتره تتميّز بصحوة للوعي القومي والشّعور بالهويّه القوميّة. نحن اقليّة في جميع البلدان التي نعيش فيها بما في ذلك وطنناالتّاريخي-القوقاز. "لقد استنتجنا بانّ الحفاظ على أمّة الأدبغة ينبغي ان يكون الاولويّة الأولى لأيّ شركسي وطني."
في روسيا، الحملة من اجل الاعتراف بالاباده الجماعية قد تمّ الاعتراض عليها وعلى مستويات متعدّدة.
وفى وقت سابق من هذا العام، قام الكونغرس الشّركسي بارسال رساله الى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وفي أواخر نيسان/ابريل، تلقّى ردا من ادارة السّياسة المحلّيّة لممثل الرّئيس لدى المنطقة الفيدراليّة الجنوبيّة حيث جاء في الرّد: "لا تتضمّن التّشاريع والقواعد القانونيّة الرّوسيّة طريقة تحدّد معالجة المشاكل الّتي وضعتموها في رسالتكم الى الرئيس".
علماء في المركز العلمي الجنوبي، وهو تابع للاكاديميه الروسيه للعلوم، اضافوا رأيهم كخبراء بان الاحداث التي وقعت اثناء الحرب القوقازيّه في القرن التّاسع عشر لم تشكّل جريمه ابادة جماعيّة حسب مفهوم الامم المتحدة.
الشّركس النّاشطون والمؤرّخون استشاطوا بمزيد من الغضب بسبب خطط لاقامة احتفال فى وقت لاحق من هذا العام لمرور ذكرى 450 عاما على "الانضمام الطوعي الى الدولة الروسيه" للجمهوريات الثلاث ذات الكثافة السّكّانيّة الشّركسيّة، ذكرى دعوها "تزييفا للتّاريخ"، مع أجندة قوميّة روسيّة.
محمّد حافيتسة، رئيس مجموعة "مجلس الأديغة" (الأديغه خاسه) في قباردينو - بلقاريا، اشتكى "في 101 سنة، قاتلت روسيا بكل ما استطاعت وفي همّها اخضاع الشّراكسة. تسعة من اصل عشرة من الأديغة اما تركوا موطنهم او قتلوا في ساحة المعركه.
"بل كان هناك أمر لابادة الشّركس الى آخر رجل اذا رفضوا الانتقال الى السّهول، حيث قيل لهم بالذهاب للعيش. اذا لم يكن هذا هو ابادة جماعيه، اذن ماذا ينبغي ان يدعى ذلك؟
خافيتسي قال بانّ الاعتراف بالاباده الجماعيّة سيعطي الشّراكسة ارتياحا معنويا، ان لم يكن شيئاآخر.
هناك أصوات بعض المشكّكين، ولكن. سفيتلانا أكييفا، وهي باحثة في نالشيك، تقدّمت بملاحظة حول تعريف الاباده الجماعية، وهو كما وصفت وقالت بانّه حدث يعتبر بانّه "كارثه كبرى" والتي جاءت نتيجة لحرب مدمّره.
"يبدو لي اننا قد اسأنا استخدام هذه الكلمه مؤخّرا" قالت اكييفا. "يجب ان تكون هناك معايير معينة للاختيار. اوافق على انذلك كان قد شكّل خسارة كبيرة جدا للمخزون الجيني للشعب الا انه من الصعب القول مااذا كان فعلا ابادة جماعيّه.
"الاباده الجماعية هي تدميرا شاملا على أساس عرقي بحت ولا اعتقد انه مهما كان النّظام القيصري، حدد لنفسه هدفا يتمثل في ابادة الشركس وغيرهم من القبائل القوقازيه بأي ثمن. دولة هي تجسيد للعنف، ومما يؤسف له ان هذا العنف لا حدود لها. ويبين لنا التاريخ العديد من الامثله الأكثر تطرّفا من نوع العنف الذي تسبب في وفاة ألآلاف و الآلاف من الناس الابرياء.
"عثمان مازوكابزوف، مدير مركز كافكازويب على الانترنت شدّد على انّ الاعتراف بالاباده الجماعيّة ينبغي ان يتركّز على تحقيق النتائج العملية للشّركس.
"انّه ليس سرّا ان التّحدّيات الرّئيسية التي تواجه المجتمع الشركسي هي انعاش الاقتصاد والحد من الفساد". "بدون قاعدة اقتصادية، لن يكون الناس قادرين على استعادة ثقافتهم ولغتهم. وفي رأيي ان هذا هو ما يعني الاعتراف بالاباده الجماعية."
"فاليري خاتاجوكوف، وهو ناشط معروف في مجال حقوق الانسان في قباردينو - بلقاريا، لا يعتقد بانّ مسألة الاباده الجماعيّة ستحل قريبا. وهو يتوقع أنها ستصبح باطراد قضيّة سياسيّة أكثر حساسيّه حيث انّ الدّولة الرّوسيّة ستسعى إلى تقليص صلاحيات جمهوريات شمال القوقاز.
الشعور بان هويتهم تحت التهديد، فانّ المنظّمات الشّركسيّة قامت بالفعل بشن حملة ناجحه ضد مقترحات لدمج جمهورية الأديغييه الّتي تتمتّع بالحكم الذاتى مع منطقة كراسندار المجاورة.
"مساله الابادة الجماعيه ستلقى دعما اقوى فاقوى بين مجموعات مختلفة من المثقّفين والشباب،" توقّع خاتاجوكوف.
مارينا مارشينكولوفا/مراسلة صحيفة سوفيتسكايا في قباردينو - بلقاريا.
